سيرة القارئ الشيخ عبد العزيز حصان

عملاق من عمالقة التجويد كنت انت يا شيخنا عبد العزيز حصان...ولد شيخنا في قرية «الفرستق» بمحافظة الغربية شمال مصر، ولد القارئ الشيخ «محمد عبد العزيز حصَّان عام 1928، وحفظ القرآن الكريم وهو ابن السابعة، ساعده على ذلك تفرغه الكامل لحفظ القرآن الكريم بعد فقدانه البصر، فكان ذهنه متفرغاً لشيء واحد وهو حفظ كتاب الله، وبدأت علامات النبوغ والذكاء تظهر عليه وهو طفل صغير مما دفع أحد أقربائه بتشجيع والده إلى إرساله إلى كتاب القرية ليتعلم حفظ القرآن.

يقول الشيخ «حَصَّان»: لأنني كنت غير مبصر لقبني أهالي المنطقة بالشيخ «محمد» رغم صغر سني فكنت أشعر بالفخر والاعتزاز بالنفس والوقار والبطولة المبكرة.

وأنا في الخامسة من عمري، وكنت محباً للقرآن بطريقة لا حدود لها جعلت الناس ينظرون إلي نظرة تقدير واحترام، في البيت والقرية وفي الكتّاب مما زادني حباً للقرآن وحفظه، كل ذلك شجعني وقوى عزيمتي على حفظ كتاب الله في فترة وجيزة قبل أن أكمل سن السابعة.

ولم يتوقف طموح هذا الفتي الموهوب عند هذا الحد من التفوق،ولكنه كان دؤوباً صابرآً جلداً طموحاً وفي الوقت نفسه متفائلاً لا يعرف اليأس إليه طريقاً، فتعلم القراءات السبع وحفظ الشاطبية في مدة لا تزيد على عامين فقط فأصبح عالماً بأحكام القرآن قبل العاشرة من عمره ليثبت للجميع أنه يستحق أن يلقب بالشيخ «محمد».

ولم يكتف بهذا الانجاز الذي كان حلماً يراود أباه والمقربون إليه من الأهل والأصدقاء. وإنما ظل يتردد على شيخ الكتاب ليراجع عليه كل يوم قدراً من القرآن وكان يتلوه بصوت وتجويد وتنغيم بالسليقة التي اكتسبها عن طريق سماعه لمشاهير قراء الرعيل الأول بالإذاعة متخيلاً أنه أحد هؤلاء القراء وكان شيخ الكتاب يطلب منه بعد المراجعة أن يتلو بعض الآيات بصوته الجميل العذب حتى يدخل الثقة إلى نفسه ويعلمه أحكام التلاوة التي ستمكنه من القرآن وتلاوته.

وكان صوت الشيخ «حصان» جميلا منذ الصغر كما حباه الله بإمكانات صوتية متفوقة عززها بشدة إتقانه لحفظ القرآن وتمكنه الشديد من أحكام التجويد وبراعة الانتقال من مقام إلى مقام وكيفية أداء التلاوة أداءً عاقلاً ملتزماً منذ الطفولة، هذه الأسباب أدت إلى ذيوع صيت الشيخ» حصان» حتى عرف بين الناس بأنه الفتى القادم والذي ينتظره مجد وشهرة لا تقل عن كوكبة القراء الأفذاذ الذين سطروا تاريخ تلاوة القرآن بجهدهم والتزامهم وقوة أدائهم وجمال أصواتهم.

وقبل بلوغه العشرين عاماً كانت شهرته قد اتسعت في جميع مدن وقرى محافظة الغربية وانهالت عليه الدعوات من كل مكان وأصبح قارئاً معروفاً بين المشاهير من القراء، يدعى لإحياء المناسبات الدينية المختلفة التي يحضرها عمالقة الشيوخ أمثال الشيخ «مصطفى إسماعيل» و«الحصري»، و«المنشاوي» و«الشعشاعي» و«عبد الباسط» وغيرهم من المشاهير.

وقال له الشيخ «الحصري» ذات يوم: «يا شيخ «محمد» سيكون.. لك مستقبل عظيم لأنك تهزني داخلياً بخشوعك وتعبيرك وقوة تصويرك لما تقرأ، فصوتك يؤثر في القلب مباشرة».

القارئ الفقيه

وبعد مشوار طويل مع تلاوة القرآن الكريم على مدى خمسة عشر عاماً قضاها الشيخ «حصان» قارئاً للقرآن في السهرات والمناسبات المختلفة استطاع خلالها أن يبني مجداً وشهرة بالجهد والعرق والالتزام وعزة النفس وتقوى الله في تعاملاته وفي تلاواته، أصبح هو القارئ المفضل للقاعدة العريضة من الناس وخاصة بعد رحيل الشيخين «مصطفي إسماعيل» والشيخ «الحصري» .

حيث انفرد الشيخ «حصان» بعدة مميزات أهلته لأن يكون صاحب مدرسة في فن التلاوة وحسن الأداء، وتظهر براعة وموهبة الشيخ «حصان» في شدة إحكام وقفه الذي لا يخل بالمعنى ولا بالأحكام فيعطي لآيات القرآن معاني جديدة وكأنه يفسر القرآن تفسيراً متفرداً، فأطلقوا عليه لقب القارئ الفقيه وخاصة وهو يبتكر أسلوباً جديداً في الوقت لم يجرؤ فيه أحد على طرق هذا المجال لأنه يحتاج إلى براعة وإحساس وتلوين خاص جداً.

وبعد هذا التألق والنجاح انتقل الشيخ إلى مدينة كفر الزيات ليدخل دائرة التنافس القوي مع عدد من مشاهير القراء كالشيخ «غلوش» والشيخ «الزامل»، فذاع صيت الشيخ حصّان واتسعت شهرته مما دعاه لتقديم أوراقه إلى الإذاعة المصرية ليطلب اعتماده كقارئ بها، ليكون عام 1964 بداية لتاريخه الإذاعي الذي عرفه بالملايين من خلال تلاواته لقرآن الفجر وصلاة الجمعة والمناسبات الدينية المختلفة.

ولم تغير الإذاعة من معاملة الشيخ «حصّان» لعشاق فن أدائه وسماع صوته ولم تضف جديداً إليه لأنه منذ كان طفلا كان يشبه المشاهير من القراء في كل شيء وخاصة المظهر وعزة النفس وقوة الشخصية التي استمدها من كتاب الله بالإضافة إلى جمال صوته ومواهبه المتعددة التي ظهرت من خلال أدائه العالي الرشيق والمحكم الموزون.

وعلى مدى خمسين عاماً قضاها الشيخ «حصّان» في تلاوة القرآن الكريم جاب خلالها معظم بلدان العالم فكانت له جولات على المستوي الدولي فسافر إلى كثير من الدول العربية و الإسلامية وخاصة دول الخليج العربي التي تعتبر هي الوطن الثاني في قلب الشيخ «حصّان» لأنه كان يشعر بالحب والآمان فيها ولم يشعر بالغربة نظراً لحسن المعاملة وشدة الإعجاب والتقدير لأهل القرآن.

يقول الشيخ «حصّان»:

«سرني في رحلاتي إلى دول الخليج العربي فرط تقديرهم وإعجابهم بأهل القرآن أمثال الشيخ «عبد الباسط» الذي يعتبر جبلا شامخاً في نظرهم، والشيخ «مصطفى إسماعيل» والشيخ «محمد صديق المشناوي» والشيخ «البنا» والشيخ «النقشبندي» وغيرهم من أصحاب الفضيلة وخاصة الشيخ «أبو العينين شعيشع».

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

سيرة القارئ الشيخ محمد الصيفي

أحد عمالقة قراء القرآن في مصر، نشأ وعاش وذاعت شهرته في النصف الأول من القرن العشرين، كان صديقاً مقرباً لقيثارة السماء الشيخ محمد رفعت، وتتلم...